وجهة نظر

بقلم
محمد الصالح ضاوي
الإسلام في القرن 21
 ينظر اليوم إلى تجربة الإسلاميين في الحكم، في دول الربيع العربي، بكثير من الحذر، من قبل الأتباع والمعارضين. ومرجع ذلك، التحول من خطاب حركات الإسلام السياسي والدعوي، إلى خطاب التجربة السلطوية، وسط نظام عالمي معاد في معظمه للإسلام، باعتباره قيم وحضارة وعقائد وسلوك.
أذكر أنه لما طلب من السيد محمد باقر الصدر أن يكتب بحثا عن البنك اللاربوي في الإسلام، تساءل قائلا: هل تريدون بنكا لا ربويا في نظام إسلامي؟؟ أم بنكا لا ربويا في نظام ربوي لاإسلامي؟؟.
كانت هذه الأسئلة أولى الوعي السياسي الإسلامي الحقيقي، الواقعي، المعاصر، الذي طالما تجاهله القادة الإسلاميين للحركات الدينية. واليوم: يبدأ وعي جديد، مفاده: أن النظام الإسلامي للسلطة، أو السلطة من منظور إسلامي، ليست تجربة متجانسة عبر التاريخ والحضارة. وأن مقولة الرجوع إلى السلف الصالح أصبحت محفوفة بكثير من الشروط والأسئلة والتأويل. فالإسلام الذي اكتشفته البشرية في العهد النبوي، لا يمكن تكراره أبدا، لاختلاف الشروط التاريخية والحضارية... وإسلام الخلافة الراشدة، لا يمكن نسخه من جديد، لاختلاف الظروف أيضا.... وأنه علينا طرح السؤال التالي: هل نريد نظاما إسلاميا في ظل مناخ دولي معاد ومختلف؟؟؟ أم نريد نظاما إسلاميا في ظل شروط عولمة إسلامية؟؟؟
طبعا، لا وجود للنوع الثاني من الإسلام، إلا في تجويفات العقل العربي الشعبي، الذي لا يزال يحلم بنسخة من الإسلام النبوي أو الراشدي.... فإسلام الشعب العربي لا يعدو أن يكون: إسلاما مناميا...
اليوم نكتشف أن الإسلاميين الذين بشروا الشعب العربي بنظام إسلامي، يحمل قيم العدالة والحرية والكرامة، هم أنفسهم، يمهدون لتبريرات كثيرة، لتنازلات عديدة، أفقدت مشروعهم الحلم العربي...
اليوم: يحكم الإسلاميون، بآلية حكم مستوردة (ديمقراطية) وبنظام اقتصادي لا إسلامي (ربوي) وبنظام اجتماعي مختل (ليبرالية مفرطة) وبنظام تربوي هش (تجارب مستوردة وممسوخة) وبنظام إعلامي معولم (إعلام أمريكي صهيوني).. ولا أدري أين أجد إسلام الإسلاميين في دول الربيع العربي؟؟؟؟ حتى أن بعضهم قال: أن الفرق بين الأنظمة القديمة المطاح بها، والأنظمة الجديدة الناشئة، هو استعراض أكثر عددا للآيات والأحاديث في التصريحات والخطب... ليس إلا.... بحيث انتقلنا من استبداد من دون الله.. إلى استبداد بإذن الله.....
لنترك فرصة للإسلاميين حتى يطوروا تجربتهم المعاصرة... ولنعطيهم الوقت الكافي لإنشاء نظام إسلامي، بنسخة جديدة. لكننا سوف نكون متيقنين أنه إسلام في ظل عولمة علمانية متناقضة مع قيم الإسلام... إسلام في محيط غير إسلامي... إسلام يفرض عليك التعامل مع البنوك الربوية ... والمؤسسات العلمانية... إسلام، قد لا يحمل من الإرث النبوي والراشدي إلا القليل.... إنه إسلام القرن 21....
-----------
-  كاتب تونسي
dhaoui66@gmail.com