من وراء البحار

بقلم
محمد سراج
المسلمون الكنديون واثرهم في المجتمع واقع وافاق
 عندما نضع هذا العنوان على رأس مقالتنا هذه، يتبادر الى ذهننا هذا السؤال: «هل قام المسلمون الكنديّون بدورهم تجاه باقي شرائح هذا المجتمع المتعدّد الاثنيات بحيث أن الأرض الكنديّة تجمع بين أحفاد آدم وحوّاء من كل الألوان والأديان والأجناس على الوجه الأكمل»؟ وقبل أن نجيب على هذا السّؤال لابد أن نجيب قبله على عدد من الأسئلة وبداية نطرح السؤال الآتي: «من هم المسلمون الكنديّون؟ وماهي الطّاقات التي يتمتّعون بها وما هي الأفكار الحضاريّة التي يحملونها الى غيرهم من أبناء المجتمع الكندي؟» .....
نحن المسلمون الكنديّون نخبة  من شعوبنا الاسلاميّة المنتشرة من شرق الأرض اندنوسيا الى غربها المغرب الأقصى، ومن شمالها ألبانيا الى جنوبها جنوب افريقيا. فنحن خليط يحمل عادات ولغات  مختلفة اختلاف الشّعوب التي جئنا منها والمسمّاة بالشّعوب الاسلاميّة. وعندما نقول بأنّنا نخبة هذه الشّعوب، لا نقول هذا الكلام إرضاء لغرور بأنفسنا وإطراء لها، بل نقوله طبقا لواقع ملموسٍ قامت به  سفارات الدّولة الكنديّة المنتشرة في تلك البقاع بتحقيقه عندما تقدمنا إليها بطلب الهجرة حيث شمل هذا الاختيار مختلف النّواحي الحياتيّة لطالبي الهجرة بداية بالملف الأمني وما يشمله من تحقيقات مدقّقة في السّوابق العدليّة والسّلوكات المشبوهة، فلا يقبل قاتل أو مجرم أو سارق ثم ليمرّ بعد ذلك بالمقابلة التي تُجرى بحضور خبراء نفسانيّون، فلا ينجح في هذه المقابلة الاّ من لمس فيهم هؤلاء الخبراء الإرادة الصّادقة في العطاء والأهلية والكفاءة في العمل المثمر المنتج والنّية الصّادقة في الاندماج في المجتع الجديد، هذا الاندماج القائم على التقبّل النّفسي للآخرين واحترام حقوقهم والقوّة والكفاءة الجسديّة التي تمكّن المهاجر من القيام بمهامه الانتاجيّة وتبعده عن التّسكع  ثم ليمرّ بعد ذلك بالفحص الطّبي الذي يؤكّد خلوّه من الأمراض المزمنة والمعدية. ونحن الآن فوق الأرض الكنديّة واحد من اثنين إمّا مهاجر سابق قد تحصّل على الجنسيّة الكندية فأصبح عضوا كامل الحقوق والواجبات في هذا المجتمع وقد ولد له أطفال اكتسبوا جنسيّة هذا المجتمع بالولادة أو مهاجر جديد ينتظر دوره في أن يكون عضوا مثل سابقه. والإثنان معا عاقدان العزم على الانخراط في عجلة هذا المجتمع الاقتصاديّة ليعطي هذا الاقتصاد عرقا وجهدا وعلما وفنّا ويحصل في مقابل ذلك على حياة أكثر استقرارا له ولأولاده وأكثر سهولة ورفاهيّة ونعومة من الحياة التي كان يعيشها في البلد الذي جاء منه.
هذا كلّ ما يتعلّق بحياتنا المادّية كمسلمين كندييّن، نخبة مختارة جاءت من مختلف أرجاء الأرض ذات سلوك طيّب وصحّة بدنيّة جيّدة وخبرة فنّية تحتاجها عجلة الاقتصاد الكندي، وتنوّع في العادات والتقاليد واللّغات، ورغم هذه الفروقات الكبيرة تجمعنا صيغة فكريّة واحدة تفرض على الجميع عادات ومظاهر وتقاليد مشتركة وهذه الصّيغة هي الصّيغة التي أصاغنا بها الدّين الاسلامي التي تمثل في حياتنا الوجه الحضاري الذي يميّزنا عن غيرنا.
فما هو هذا الوجه الحضاري الذي ننتمي كلّنا اليه وما هو ثقله الحضاري في ميزان الأديان والثّقافات التي يعجّ بها المجتمع الكندي الذي نتعايش معه ويلفّنا من كلّ الجهات والذي ننتمي اليه ونحمل جنسيته؟.
لن أكلّمكم عن الاسلام كأركان من صلاة وصوم وطهارة، فهذه مسلّمات يعرفها الجميع ولا حاجة لإضاعة وقتكم العزيز بتكرارها، إنّما يهمّنا في هذا الحديث الميزان الحضاري للإسلام في مقابل ما سبقه من أديان. ولفهم هذا المعنى الذي أقصده لابدّ من التّعريج على القوانين الالهيّة التي انتظمت كلّ المخلوقات صغيرها وكبيرها كما ينتظم الخيط حبّات السّبحة.
وكمدخل لبحثنا، فكلّنا يعرف ويلاحظ قانون وحدة الحركة والتّفاعل بين المخلوقات ابتداء من أصغر جزء توصّلت اليه المعرفة الانسانيّة الذي هوالذّرّة التي تكون أجزاء وجزيئّات المادّة في جسمنا وفي كل الأجسام وأنّ ما يجري في هذا الحيز اللاّمرئي من المادّة من تجاذب بين الالكترونات ذات الشّحنة السّالبة ونواة الذّرة المتكوّنة من البروتونات والنترونات ذات الشّحنة الموجبة وما يحصل من دوران الالكترونات حول نواة الذّرّة هو نفسه ما يجري في مجموعتنا الشّمسية من تجاذب يمسك لهذا الوجود اللامتناهي في العظمة استمراريته. ومن هذا المثل أردت أن أصل الى نظام الهي آخر وهو نظام التّطور التّدريجي للأشياء وذلك لفهم الجانب الحضاري للدّين الذي نحمل رسالة تبليغه. وكما سبق أن ضربنا المثل السّابق لفهم نظام وحدة الحركة والتّفاعل بين الذّرة والمجموعة الشّمسيّة، فإنّنا نلجأ الى المقارنة بين رعاية الأم لوليدها كفرد والرّعاية الالهيّة للانسانيّة لفهم نظام التّطور التّدريجي للمخلوقات.
فعندما يحين موعد الولادة تهيئ الأم كلّ ما يحتاجه الوليد من شروط الاستمراريّة لحياة وليدها من مهد مريح ولباس وسهر في العام الأول على رعاية الوليد وتغديته ثم تعليمه النّطق بالحروف والأسماء الأولى وتعريف الوليد بنفسها فتكون كلمة «ماما» أول كلمة تنطق بها ألسنة المواليد في كلّ أصقاع العالم وبكلّ اللّغات. وهذا ما نجده في العناية الالهيّة بأبي البشريّة آدم وزوجه حواء عليهما السّلام من تهيئة الجنة كمقر ومهد وكان اول علم تلقاه آدم وزوجه حواء هومعرفتهما بربّهما ثم تعليمهما معرفة الأشياء والمسميات وكان الأخ في شريعة آدم وزوجه يتزوّج أخته،  ثم تبدأ الأمّ ما بين السّنة الثّانية والرّابعة من عمر وليدها ما بينها وما بين دور الحضانة من تزويد الوليد ببعض الألواح والصّحف ليتدرّب على كيفية كتابة الحروف والأرقام، وبالنّسبة للعناية الالهية التي شملت الانسانيّة ككلّ، كانت على شكل ألواح وصحف أنزلت على أنبياء الله على فترات متفاوتة من الزّمن ابتداء بنوح ثم ادريس وأبي الأنبياء خليل الله ابراهيم عليه السلام ولوط  ويعقوب واسماعيل ويوسف.
ثم يكبر الطفل ويدخل المدرسة الابتدائيّة  وتدخل العناية الالهية الانسانيّة مدرستها الابتدائية على يد نبي الله موسى عليه السلام وكتابه الأول التوراة.
ويكبر الطفل وتنمو مداركه الفكريّة وتضطرّ الأمّ لنقل ابنها الى المدرسة المتوسّطة بعد أن تمثّل فكره كل المعلومات التي قدّمتها له المدرسة الابتدائيّة وتنتقل العناية الالهية بالانسانيّة الى مدرستها المتوسّطة على يد النّبي الملك داوود وابنه سليمان عليهما السّلام وكتابه الزّبور، ثم يبلغ الطّفل المراهق مرحلة الفتوّة والاعتماد على النّفس، فيدخل مدرسته الثّانويّة وتدخل العناية الالهيّة الانسانيّة مدرستها الثّانوية على يد نبي المحبّة والسلام عيسى بن العذراء مريم عليه وعلى أمّه أفضل التحيّة والسّلام وكتابه الانجيل الذي جعله الله هدى ورحمة ونورا للبشرية جمعاء.
وأخيرا يكتمل النّضج ويصبح الوليد شخصا مكتملا مستقلاّ ويدخل الجامعة ليتخرج منها ليصيغ ممّا تعلّمه فيها من النّظريات والقوانين ما يزيح طلاسم الجهل بما يحيط به من معالم هذا الوجود اللاّمتناهي وليشقّ طرق المعرفة أمام من يلحق به من الأجيال القادمة، وهكذا تدخل الانسانيّة الجامعة على يد النّبي الأمّي محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم وأطروحته الكبرى المفتوحة لكل العصور التي مرّت والتي ستمرّ بها الانسانيّة في الماضي والحاضر والمستقبل، في الحياة وفيما بعد هذه الحياة، بعد أن اكتمل النّضج الفكري للانسانيّة بما يجعله يستوعب هذه المعجزة الفكريّة الكبرى المسماة بالقران ويستفيد من أبعاد مفاهيمها. وهكذا فإن المبدا واحد في جميع الأديان السّابقة واللاّحقة وهو الاسلام لللّه أي التّوحيد، والشّرائع تتوسّع وتتطوّر لتستوعب تطور الانسانية وتساير نموها.
نستخلص من كلّ ما سبق أن الشّريعة الاسلاميّة من كتاب وسنّة هي بمثابة المستوى الجامعي في سلّم تطور الانسانيّة وهي الشّريعة الجامعة الخاتمة والنهائيّة، فهل يهاب الأستاذ الجامعي طلبة أو أساتذة التعليم الثانوي أو المتوسط أوالابتدائي أو مناقشة بعض الأميين من معتنقي العقيدة الماركسية أو الملاحدة أو عبّاد البقر؟ 
اذن هؤلاء هم المسلمون الكنديّون وهذا هو الجانب الحضاري الذي تعبق به أعطافهم، فما هو المجتمع الذي يلفّهم من كل الجهات وما خصائصه؟
لقد ألقت شعوب الأرض قاطبة بخيرة أبنائها الى الأرض الكندية لماذا ؟
هل للخيرات التي تعجّ بها الأرض الكندية؟ لا أعتقد هذا، فقد قال الحكّام الفرنسيّون يوم اتّفقوا مع الانكليز على الانسحاب من «نوفل فرانس»(كندا الشّرقيّة) لا حاجة لنا بها إنّها «كوت دو نيج» (أرض الثّلوج البعيدة)،  إنّ رحلة أبناء آدم وحوّاء الى كندا هي قبل كلّ شئ من أجل الاستقرارتحت نظام شديد الحرص على حرّية الانسان وصيانة حقوقه، فالمرأة فوق هذه الأرض تتمتّع بحقوقها كاملة، تلبس الزي الذي يعجبها وتخرج به الى العمل أو الى الجامعة أو المنتدى دون حرج، في حين أنّها تعامل بدرجات مختلفة من المهانة أو الحرمان في بلدانها الأصليّة، فهي إمّا أن تُعامل كمواطنة من الدّرجة الثّانية أوتمنع من الوظيف العمومي أو تمنع من الدّراسة أو حتّى تحرم من المواطنة وتسحب منها جنسيّة البلد الذي ولدت على أرضه والطّفل يتمتّع بالعطف والحنان والابتسام والمداعبة بين رواد الحافلات وفي المحلّات العموميّة قبل أن يتمتّع بحماية القوانين. والشّيخ والعجوز تمتدّ إليهم أيدي المواطنين بالمساعدة والإكرام قبل تمتّعهما بالمزايا الاجتماعيّة المخصّصة للمسنّين والعجزة. وعابر الحدود واللاّجئ والمهاجر يأخذ من برامج المساعدة الاجتماعية ما يسدّ رمقه ويؤمن له العيش الكريم ويكفّه عن مدّ يده للنّاس الى حين يجد عملا كريما يكتسب منه رزقه ورزق من يعيل.
إذن هذا هو المجتمع الذي يضمّنا  وهذه هي خصائصه، حرّية مطلقة، احترام للانسان وحقوقه، تنوّع في الأعراق والدّيانات، انعدام للتّمييز العنصري ومن يصرّ على التّمييز بين أبناء آدم وحواء يعاقب قانونيا.
ليس معنى كلامنا هذا أنّ هذا المجتمع هو المجتمع المثالي الخالي من السّلبيات والنّواقص، فالمجتمع المثالي لا يوجد الاّ في ظلّ العدالة الالهيّة، لكنّ كلّ ما ذكر ايجابيّات يحضّ عليها ديننا الحنيف من أجل إسعاد عيال الله وعباده.
فهل تفاعل المسلمون مع هذا المجتمع؟ وهل استفادوا من خصائصه الايجابيّة وافادوا؟ وما هي أوجه هذا التّفاعل؟ وهل تركوا لهم بصمات تذكر في هذا المجتمع؟ وهل أثّروا فيه بما عندهم من مفاهيم حضاريّة؟
على الجانب المادّي نقول نعم، فإن المصانع والمعامل تعجّ باليد العاملة المسلمة وقد انخرط المسلمون في عجلة التّجارة والصّناعة وظهر منهم رجال أعمال كبار وفنيّين في مختلف المجالات تجاريّة وصناعيّة، فهل هذا النّشاط والتّفاعل نجده على الجانب الحضاري والفكري؟
إنّ التّأثير الحضاري للمسلمين الكندييّن أقل بكثير من تأثيرهم المادّي. إنّ الاسلام الذي ننتمي اليه هو رسالة، والمنتمي اليه هو حامل رسالة، لكنّنا نكذب على أنفسنا إذا قلنا أنّنا حملة رسالة، فحامل الرّسالة عليه أن يدقّ أبواب الآخرين ليوصل اليهم الرّسالة، فموزّع البريد يطرق كل الأبواب ونحن على العكس من ذلك نغلق الأبواب على أنفسنا. لماذا نغلق الأبواب على أنفسنا؟  لماذا نغلق الأبواب أمام صداقة الآخرين؟  هل سأل أحدنا زوجته كم من صديقة كنديّة تعرفينها وتأنسين اليها؟ أم انّنا نعتبر أنّ اتخاذ زوجاتنا  أو بناتنا صديقات كنديّات جريمة يجب أن يعاقبن عليها؟  كيف تقول إنّك حامل رسالة إذا كنت تغلق أبوابك دون النّاس، اليس هؤلاء النّاس هم عيال الله وعباده  وسوف تسأل عنهم يوم الحشر؟
عندما نشرت قصيدة تحية مهاجر في جريدة الهجرة الصّادرة في مدينة «موريال» أحيي من خلالها الشّعب الكندي، أقول فيها «تحيّة لك كندا ولأبنائك أجمعينا...هم إخوة لنا من إمّنا حواء وآدم أبينا...»، استوقفني أحد الاخوة وقال لي :«كيف تقول لهؤلاء اخوة لنا، هؤلاء كفّار؟»  قلت له :«إنّ كلمة كافر أكثر من مسبّة  في جميع الملل والأديان، فكيف لك أن تسبّ النّاس وأنت في ديارهم وتدّعي أنّك حامل رسالة اليهم، ثم تكذّب نصّا قرآنيّا؟ ألسنا جميعا كما أثبت ربّ العزّة في القرآن الكريم أبناء آدم وحواء؟ أتنفي ما جاء بالقران الكريم لتُثبت مقولة «فرويد» بأننا أبناء القردة والخنازير ثم تقضي بتفكيرك هذا على أواصر الاتّصال ما بيننا وبين عيال الله وعباده؟
إن لائمة مساجدنا دورا كبيرا في توجيه جالياتنا الاسلامية وارشادها الى الأمثل والأنجع في تعاملها مع الاثنيات التي نتعايش معها، فليقلّلوا من تكرار ما حدث في عقدين اثنين من الزّمن، فالاسلام يمتدّ على مدى أربع عشر قرنا وتعداد المنتمين غليه اليوم ما يقارب المليارين من البشر، فليلتفتوا الى معالجة واقع امّتهم بما يعمل على تحسين اداء ابنائها وتزويدهم  بالسّبل في ايصال رسالة التّوحيد الى هذه المجتمعات التي تلفّنا من كل جانب، ولاباس بعد ذلك من التذكير الخفيف بما حدث في عهد الخليفتين الرّاشدين عبد الله بن قحافة وعمر بن الخطاب ولتكن خطبهم مدارس تحتضن الأجيال الصّاعدة حتى لا تضيع، ولتجمعهم مجالس الشّورى ليتبادلوا الخبرات معا والآراء فيما يعمل على التأثير الأعمق والأكمل لصالح وخير المجتمعات التي تحتضننا ولما فيه خير البشرية جمعاء.
وقبل أن اختم مقالتي هذه، تحضرني حادثة وأنا أتابع دروسا في اللّغة الفرنسيّة، أرجو أن يغفر الله لي تقصيري فيها وأن يسعني صبركم في روايتها لكم. ففي اليوم الاول لبداية الدّروس التي كنت أتابعها في معهد تعليم اللّغة الفرنسيّة التّابع لوزارة الهجرة، حضرت ضمن الطّلبة  سيدة صينيّة كانت تعمل مضيفة في شركة الطّيران الصّينية، وقد حضرت هذه السّيدة الدّرس الأول وهي في حالة السّكر الظاهر ورائحة الخمر تفوح منها عن بعد ومن طبيعتي أن أمج التّحدث مع هذا النّوع من النّاس لأني أكره الخمر وشاربها، فهو في عرفي مجرم بحقّ نفسه وحقّ خالقه وحقّ مجتمعه وهكذا غلبت هوى نفسي في تعاملي مع هذه السّيدة الزّميلة واغلقت أمامها أبواب نفسي، فكانت كلّما تحاول التّقرب منّي أتهرّب من التّحدث معها وكان من الواجب عليّ أن أفكّر في التّعامل معها من وجهة نظرها هي وحسب عرفها هي وليس من زاوية تفكيري أنا، فالخمر في عرفها شئ عادي غير محرّم وهي بالتّالي من زاوية نظرها انسانة عادية لم ترتكب أي ذنب تعاقب عليه يجعلني أبتعد عنها وعن التّعامل معها كزميلة تجمعني وإياها مقاعد العلم والمعرفة وهذا ما نبّهنا اليه رسول الهداية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلّم من أن نكلّم النّاس على قدر عقولهم وفي مستوى تفكيرهم حتى يسمعنا الآخرون.
وقد حدث ان انضمت الينا وسط الفترة الدّراسيّة فتاة جزائريّة جامعيّة جميلة وأنيقة في العشرين من عمرها يشعّ نور الايمان من وجهها الجميل ويفوح شدا الطّهارة من أعطاف حجابها الشّرعي، فما كان سوى يومين أو ثلاثة أيام من التعرّف ثم الأخذ والردّ بين زميلتنا الصينيّة وزميلتها الجزائريّة حتى أشهرت زميلتنا الصينيّة السكّيرة إسلامها. وهكذا، فعندما أغلقت أبواب نفسي وغلبت هواها على العمل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم «خاطبوا النّاس على قدر عقولهم» حرمني الله نعمة إشهار زميلتنا الصينيّة إسلامها وأجره، فأسال الله أن يغفر لي تقصيري.
 -------
-  صحفي وكاتب سيناريو وشاعر - كندا
sradjmohamed@hotmail.com