متابعات

بقلم
فيصل العش
الشاعر جمال الصليعي ... ضيفا على منتدى الفارابي

في اطار تظاهرة "على خطى الثورة " يستضيف منتدى الفارابي للدراسات والبدائل الشاعر التونسي جمال الصليعي في أمسية شعرية يصاحبه على آلة العود العازف المتألق وحيـــد التريكـــي وذلك يوم السبت 29 ديسمبر 2012 بالمركب الثقافي محمد الجموسي بصفاقس ابتداء من الساعة 15 و 30 دق .

 

جمال الصليعي شاعر تونسي عصامي اصيل مدينة دوز الصحراوية ، قال عنه بعض النقاد أنه "يغنّي خارج السرب" ورأى فيه الناقد والروائي جمال الغيطاني " أبو القاسم الشّابي اليوم". 

 معروف عنه تفرّده بقاموس لغوي خاص في قصائده وصوره الشعرية ببعدها الوجداني العميق استمدّ مفرداتها من حياة البادية وصفاء رمال الصحراء ..والقرآن ...

ويبرز تفاعـــل الشاعــــر مـــع "القـــرآن" مصدر لغته وقاموسه في اعتماده على كلمة ”الماء“ المرتبطة بكثافة بكلمة ”طوفان“ والمقترنة بدورها بكلمة ”الفلك“ وهذه الكلمــــات مجتمعـــة تحيل على القصص القرآني وتحديدا قصة نوح حيث يقول في قصيدته ”من أنباء القرى“:

كنا...

والصحراء هنا...  كل الصحراء

كنا نعرف وعد الماء .... هيأنا الألواح له

حضرت قبل الماء سفينتنا .... ضحك الغرقي

سخروا من عقل سفينتنا .... سخروا ملء الصحراء... جاء الماء

 

يتميّز هذا الشاعر بحضور ركحي متميّز يشدّ المتلقي بشكل ملفت للانتباه لأنه يقدّر جمهوره ولأنه يرى أن جودة تقديم النص مشافهة وركحيّا هو إعادة كتابة للنص الذي كتب أصلا بروح جديدة أساسها المحاورة مشافهة.

 

عرف جمال الصليعي في ثمانينات القرن الماضي أنه يكتب شعرا عموديا مضمّخا بالإيحاءات الإيديولوجية لكن الثورة غيرته ليس في البناء الشعري حيث حافظ على علاقته الحميميّة بالأوزان الخليلية ولكن من حيث المضمون والاتجاه لأن الثورة كما يقول الشاعر أهدته الحياة وأقلاما ليكتب بها عن الحب والحق والفضيلة والحرية. فكتب رسالته إلى البوعزيزي قائلا:

مُرِ النّارَ تَكْتُبْ تَفَاصِيلَ أَغْفَلَهَا النّائِمُونْ

َوأَنْتَ تُرَاقِصُ قَدَّ اللَّهِيبِ عَلَى حَشْرَجَاتِ السُّبَاتْ

وَأَنْجِزْ قَلِيلاً مِنَ المَوْتِ .... تَحْتَاجُهُ كَيْ تُفِيقَ الحَيَاةْ

قَلِيلٌ مِنَ الزَّيْتِ فَوْقَ "إِذَا الشَّعْبُ " يَكْفِي

لِتَأْتِي "إِذَا الشَّعْبُ " رَافِلَةً مُزْدَهَاةْ

يُوَاعِدُكَ الجُوعُ بَيْنَ الرَّغِيفِ البَعِيدِ

وَبَيْنَ مَوَاعِيدَ عُرْقُوبُهَا خُلَّبِيُّ اللُّغَاتْ

وَلَسْتَ فَقِيرًا...

وَلَكِنْ نَوَاطِيرُ مِصْرِكَ أَعْطَتْ عَنَاقِيدَهَا لِلْجُنَاةْ

وَنَحْنُ الذِينَ اصْطَخَبْنَا لِشَاعِرِنَا إِذْ أَرَادَ الحَيَاةْ.

مُرِ النَّارَ تَكْتُبْ فَقَدْ كَذَبَتْ هَذِهِ النُّخَبُ المُشْتَرَاةْ

تُرِيكَ أَنَاقَتَهَا فِي النَّهَارِ... وَفِي اللَّيْلِ تَأْوِي إِلَى فُــرُشِ المُومِــيَــاتْ

َلهَا عَسَلُ الوَهْمِ فِي قََطِرَانِ الطُّلاَةْ

مُرِ النَّارَ تَكْتُبْ

" إِذَا الشَّعْبُ يَوْمًا أَرَادَ الحَيَاةْ... فَلاَ بُدَّ أَنْ تَسْتَجِيبَ الحَيَاةْ "

وَلاَ بُدَّ أَنْ يَسْقُطَ الظَّالِمُونَ الطُّغَاةْ

 

ومن مفارقات هذا الشاعر الثوري الفذ، أنه لم يكتب قطّ في المدح لكن الثورة جعلته يمدح رئيس الجمهورية الجديد قبل أن يتم انتخابه بأسلوبه الخاص . فكانت قصيدته "مقدمة لمدحيّة استباقية لرئيسنا الجديد ... على أن لا يهرب" جاء فيها :

سَيِّدِي يَا رَئِيسَ البِلاَدِ الذِي سَوْفَ يَأْتِي

أُرِيدُ اسْتِبَاقَ الجَمِيعِ لِمَدْحِكَ ...  شَهْرَيْنِ قَبْلَ اكْتِشَافِكَ شَمْسًا عَلَيْنَا  

وَبَدْرًا عَلَى وَالِدَيْنَا  ....  وَظِلاًّ ظَلِيلاً عَلَى جَانِبَيْنَا

وَمَجْدًا يَسِيرُ الهُوَيْنَا إِلَيْنَا

أَنَا الآنَ فِي آخِرِ العُمْرِ يَا سَيِّدِي  

وَلَمْ أَمْتَدِحْ قَبْلُ حُكَّامَنَا  .... شَرَّفُونَا  

وَلَكِنَّنِي غِبْتُ عَنْ مَدْحِهِمْ .... أَفْلَتُوا  

وَلَنْ تُفْلِتَ الآنَ مِنْ مَدْحَتِي  

سَيِّدِي يَا رَئِيسَ البِلاَدِ الجَدِيدِ الذِي سَوْفَ يَأْتِي  

وَمَا زِلْتَ فِي قُفَّةِ الحِزْبِ حِزْبِكَ  

صُرَّةَ غَيْبٍ مُعَبَّأَةً بِالذِي أَنْتَ أَهْلٌ لَهُ

كُلُّ مَا أَنْتَ أَهْلٌ لَهُ  

وَلِأَكْثَرَ مِنْهُ  

فَأَنْتَ الرَّئِيسُ النَّفِيس

وَأَنْتَ المُصَاغُ مِنَ المَكْرُمَاتْ

وَأَنْتَ الرَّئِيسُ العَرِيسْ  

وَأَنْتَ المُهَيَّأُ لِلْمُعْجِزَاتْ  

وَأَنْتَ عَلَى الرُّؤَسَاءِ الرَّئِيسْ  

إِذَا مَا خَطَبْتَ سَيَعْلُو السُّكَاتُ

وَفِي الحَزْمِ أَنْتَ بُـــلِــيصُ البُــلِيصْ  

فَنَجِّرْ هِرَاوَتَكَ الآنَ لِلطَّارِئَاتْ  

فَأَنْتَ رَئِيسٌ لِشَعْبِ "إِذَا الشَّعْبُ يَوْمًا أَرَادَ الحَيَاةْ " 

وَشَعْبِ هُرُوبِ الرَّئِيسْ